كان والدي يحلم بأن أكون طبيبة، لكنني لطالما شعرت أن هذا المسار لم يكن لي. عندما كبرت، اخترت دراسة علوم الأحياء في جامعة تل أبيب، بهدف أن أصبح عالمة أدوية وأساهم في شفاء الأمراض. لكن في سنتي الجامعية الأولى، صُدمت بوفاة والدي، وكان لهذه الحادثة أثر عميق في نفسي، حيث زلزلت مفاهيمي وحتى هويتي. في خضم هذه الصحوة الروحية، سألت نفسي: هل كان اختياري لعلم الأحياء مجرد وسيلة غير واعية لإرضاء رغبة والدي في رؤيتي في مجال الطب؟
 

بدأت رحلتي في البحث عن الذات، فقادتني هذه المسيرة إلى عالم التنمية الذاتية. في البداية، كانت غايتي هي تحديد وجهتي في الحياة، والتعرف على ذاتي، واكتشاف سبب وجودي على هذه الأرض، واختيار رسالتي بين الناس. ولكن مع مرور الوقت، تحولت هذه الرحلة من مجرد البحث عن الذات إلى شغف عميق ورغبة ملحة في نقل هذا العلم إلى الآخرين، ومساعدتهم على تطوير أنفسهم من خلال الغوص في أعماق عالمهم الداخلي. 
 

أذكر أنني في طفولتي كنت مفتونة بعالم الكلمات واللغة، وكنت أعشق الشعر والأدب. كنت دائماً أبحث عن سير العظماء من المفكرين والشعراء والمخترعين، وأغوص في قصصهم وإنجازاتهم، فأبقى منبهرة لأيام طويلة. بسبب هذا الشغف، تابعت مسيرتي الأكاديمية وأكملت الماجستير في الفلسفة في جامعة حيفا، حيث رغبت في استكشاف عقول الفلاسفة الكبار وفهم طرق تفكيرهم ورؤيتهم للحياة. وخلال هذه السنوات، لم أترك جانب التنمية الذاتية والروحانيات، فتعلمت تخصصات عديدة في هذا المجال، وعالجت نفسي بكل الوسائل الممكنة. زرت أخصائيين نفسيين ومعالجين روحانيين، لأنني آمنت أن من يريد العمل مع أرواح الناس، يجب عليه أولاً أن ينقي روحه من ترسبات الحياة والطفولة التي عاشها، لأن كل شيء يبدأ من الداخل.
 

من هنا، في عملي مع نساء مجتمعنا، أركز أولاً على بناء علاقة حقيقية مع أنفسهن، ثم مع شريك الحياة. فأنا أؤمن بأن العلاقة العاطفية الصحية تبدأ من داخلنا. إذا كانت علاقتك مع ذاتك سليمة، فسوف تكونين قادرة على بناء علاقة عاطفية سليمة مع شريكك ومع الآخرين في محيطك. مستوى وعينا بذواتنا هو ما يسمح لنا باتخاذ القرارات الصحيحة والقيام بالأفعال المناسبة. فكلما ازداد هذا الوعي، زادت قدرتنا على الاختيار الصحيح والمناسب لنا. معرفة الذات هي طريق التغيير، والتنمية الذاتية هي الأداة التي تتيح لنا تذكر من نحن وماذا نستحق. عندما تعرفين من أنتِ وماذا تريدين، ستسهل عليكِ رحلة الوصول إلى أهدافك.